لمْ يخطر لى فى أشد خيالاتى سواداً ما حدث أمامى بل أمامنا ، إذ صفعتْ إبنتى ولدها ذو السنوات العشر على وجهه . هكذا علناً بل والأقسى من ذلك ما أسره لى حفيدى ذو لسنوات الخمس ، إذ رفعه أبوه عالياً وألَقى به أرضاً .لأجل تأديبه وتهذيبه ،لأنه أغضب أخته الصغيرة .وظل الطفل يذكر لي هذا الحدث كلما هاتفنى .لا يكاد ينسى ما حدث .رغم مواساتى له.وهنا عاهدت نفسى أن أكتب لى ولهن ولكم للتذكرة .ربى أرحمهما كما ربيانى صغيرا .إنَ تربية الصغار أمانة ،وأىُ أمانة.
فى تربية ا لصغار وقل ربى أرحمهما كما ربيانى صغيراً
إجتهدت في تربية عيالى بكل ما استطعت . لذا لم يكن وارداً فى حساباتى ضربهن أطفالهن للتأديب والتهذيب .إن من أول الدروس التى تعلمنها فى مدارسهن أن الوجه وجه الإنسان مكرَّم ، بل إنَّ جسد الإنسان كله مكرَّم تعلمنَّ ذلك فى بداية البدايات منذُ نعومة أظافرهنْ .
مخاطر أساليب الإيذاء بالشتم أو الضرب لتهذيب الصغار.
بُنيتى أسرفتِ كثيرًا تُسمعين طفلك مقطوعة (ياغبى..يامتخلف ) وحتى لا تكونى كاذبة لابد أن ْ يجعل طفلك نفسه بمرور الوقت غبياً ومتخلفاً تصديقاً لكِ.
بُنيتى هناك كثيرٌمن الحادثاتِ يتسرب من الذاكرة . لكن حادثاً بعينه ظل عصياً على النسيان بكل تفاصيله ، منذ أيام الطفولة لمَّا صفعَ جارنا طفلَه ليهذبه ،ففقدَ الطفل حاسة النطق جراءَ ذلك على الفور ،وعاش بعاهتِهِ هذهِ حياتَه المنقوصة بل المسروقة .
منْ يدرى عاقبة (مد اليد ) خاصةً على أطفالك .إنَّ كلَ الإحتمالات واردة .منْ أقصاها إلى أقصاها.
لم يقصد جارُنا مطلقاً أن يخسرْ طفلُه نعمة النطق . ولم يقصد نبى الله موسى على نبينا وعليه السلام أن يقضى على منْ تشاجر مع واحدٍ منْ شيعتِه (فوكزه موسى فقضى عليه ). كان نبى الله موسى شاباً قوياً ،تربى فى قصر فرعون ، ونشأ نشأة أبناء الملوك .(ودخل المدينةَ على حينِ غفلةٍ منْ أهلها فوجدَ فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعتهِ وهذا من عدوه . فاستغاثه الذى من شيعته على الذى من عدوه فوكََزه موسى فقضى عليه . قالَ هذا من عمل الشيطان إنهُ عدوٌمضلٌ مبين .) سورة القصص : 15
أساليب أفضل لتربية لصغار وحسن سياستهم.
حذارى ثم حذارى من كلمة أو وكزة قد تقضى على صغيركم . ولكم أن تتخيلوا عذابات إنسان قتل صغيره بيده ، أو أفقده حاسة من حواسة ، أو ترك له جرحًا ، عذابات تفسد الحياة ، وأبتكروا للتهذيب سبلاً بعيدة كل البعد عن الإيذاء المادى أو المعنوى . وأروع هذه السبل وأكثرها إنجازًا أن تكونَ أنت القدوة . أن تحاول الوصول للحال الأفضل . سيقلدك الصغير آلياً . أنت مُعلمَهُ الأولْ .
إنَّ مسألة العقوبة البدنية أو حتى شتم الصغير مسألة لها وجوهها القبيحة .منها أنها تنقل تصرفات الصغار منْ سلوكيات الأحرار النبلاء إلى سلوكيات العبيد والأحاسيس الدونية.ولعل هذا البيت من الشعر من أذكى ما ورد فى الشعر العربى .
العبد يُقرع بالعصا والحرُ تكفيه الإشارة
وهناك شبه إجماع من خبراء التربية أن الطفل يكوِّن الغالبية العُظمى منْ مخزون ذكرياته فى سنواته الخمس الأولى .سوف تخزن ذاكرة الصغار الأمور المبهجة مدى الحياة ،كما تخزن أيضاً الذكريات المؤلمة.
ومرحلة العقاب البدنى والشتم تعنى أننا أغلقنا كل الوسائل الممكنة للتفاهم والتحاور .وتذكرى حبيبتى أن جيل صغارك جيل يستحق إنتباه الوالدين أكثر من أجيالٍ سابقة. فرفقاً رفقاً بهم . لقد أفسدوا عليه ذوقه وما يسمع وما يرى ، حتى الماء والهواء والغذاء .
وهناك تحدى طوال الوقت . أن تلتزمى أنتِ وصغارك الفطرة السليمة والسبيل القويم وتكونى دائماً جديرة بالدعاء ( واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربِ ارحمهما كما ربيانى صغيرا)[سورة الإسراء24 ]
دُمتم أحبتى وأطفالكم بكل خير.
اترك تعليقا